رحلة الآثام بقلم منال سالم
رحلة الآثام بقلم منال سالم
زحفت على يديها في عجز واضح نحو الخارج وصوتها الباكي يرجوه في حړقة أشد مهاب رجعلي ابني خليني أطل عليه لم يلتفت إليها بل انصرف في نشوة مريضة لترتكن بظهرها على الجدار المجاور لغرفتها وهي تنوح في حسرة متعاظمة آه يا ۏجع قلبي عليك يا ضنايا إنتي هتطلعي كده سألتها مندهشة وهي تخفض بصرها لتتأمل سريعا ثوبها المنزلي الفضفاض القديم وذي اللون البرتقالي ماله شكلي بفظاظة واضحة صارحتها يقطع الخميرة من البيت عبست كليا وانطفأت الفرحة في عينيها بل إنها كادت تبكي تأثرا من كلامها اللاذع لكن خالتها لم تعبأ بما تفوهت به واستمرت في ټعنيفها أومال احنا كنا بنتكلم فيه إيه من صباحية ربنا كادت تبرر موقفها بأنها أمضت النهار بطوله في تنظيف المنزل وغسل الثياب والقيام بكافة الأعمال العالقة تخفيفا من العبء الملقى على كتفي والدتها لكن الأخيرة لم تهتم بمجهودها المستهلك وهتفت تأمرها روحي الأوضة خديلك قميص عدل من بتوع تهاني البسيه الإتيان على ذكر نوعية ثياب شقيقتها نشط ذاكرتها باهتمامها بانتقاء الجيد من الأقمشة والمواكب لما يسمى بصيحات بس آ في التو منعتها من الاحتجاج بإصرارها الحاسم من غير بسبسة عاوزين الجدع مايشوفش غيرك مع سيل الإهانات المتواصل فقدت حماسها لمواصلة الأمر فردت بإحباط يا خالتي أنا ماليش نفس زمت شفتيها هاتفة بها بغيظ مكتوم أومال هيبقالك إمتى لما يرجعلك معلق في دراعه واحدة تانية تفرسك ارتفع حاجباها للأعلى فلكزتها أفكار بقبضتها المضمومة في ذراعها وحذرتها مايبقاش مخك ضلم لم تبد راضية عما تسعى لإجبارها عليه فتابعت خالتها إعطاء تعليماتها عليها ماتضيعيش الوقت أمك هتفضل معاه وإنتي البسي حاجة مدندشة من هدوم أختك الجديدة ردت على مضض وكأنها تستصعب تنفيذ ذلك طيب قبل أن تغادر استوقفتها مرة ثانية آمرة إياها استني كده وريني خدودك قطبت جبينها متسائلة في تحير مالهم دول كمان أمسكت بهما بأصابعها وراحت تضغط عليهما بشكل أوجعها وهي توضح لها ما تقوم به خليني أقرصهم عشان يبان فيهم الدموية كده تأوهت من الألم ورجتها بالراحة يا خالتي تجاهلت شكواها واستمرت في جذب خديها بقساوة طفيفة لتكسبهما هذه الحمرة الشديدة ثم تصعبت بشفتيها لتدمدم بعدها في سخط بلا خيبة ابتسامة حقيقية صادقة نابعة من أعماق قلبها ظهرت على صفحة وجهها الباكي عندما عاد إليها بعد وقت طويل وهو يحمل رضيعها كانت قد فقدت الأمل في رجوعه حقا شعرت وكأن روحها قد ردت إليها حينما رأته أقبلت عليه بذراعين مفتوحتين لتضمه في لهفة وشوق متناسية ما بها من أوجاع وكأن في ضمته البلسم الشافي لچراحها الغائرة هانت كل المصاعب مع احتضانها له قبلت تهاني وليدها من كفه الضئيل والدموع تطفر بغزارة من طرفيها كلمته في صوت رقيق رغم اختلاطه بالبكاء ابني حبيبي وجوده معها وبين أحضانها جعلها تقبل وترتضي بأي مهانة مهلكة لها في مقابل عدم خسارته راحت تهمس له في أذنه برجاء شديد ربنا ما يحرمني منك أبدا كفكفت دمعها بظهر كفها وتابعت فداك كل حاجة يا حبيبي المهم تفضل في حضڼي ابتسامتها المشوبة بالبكاء ضاعت فجأة وحل الفزع على قسماتها عندما حاډثها مهاب فجأة احتمال يجوا يحققوا معاكي سألته بقلب ازدادت وتيرة دقاته وهي تضم رضيعها إلى صدرها في خوف كما لو كانت تخشى من أخذه قسرا منها في إيه أجاب بنبرة هادئة بخصوص وقوعك من على السلم في البداية تطلعت إليه ببلاهة وكأنها تحاول استحضار تفاصيل مشاجرتها الأخيرة معه لم تضع الوقت في الصمت وقالت من تلقاء نفسها أنا دوخت ووقعت من نفسي إنت ملكش دخل نظر إليها مبتسما قليلا واستحسنت ردها كويس أشاحت بنظراتها بعيدا عنه لتعاود التحديق في الوجه النائم هامسة حبيبي مجددا تكلم مهاب ليشتت نظراتها عن الرضيع صحيح أنا خلاص قررت أسمي ابني أوس كررت الاسم باندهاش غريب أوس قال متباهيا بحسن اختياره أيوه حاجة مختلفة وتليق بيه تأملته تهاني بتعجب فواصل توضيحه المملوء بالزهو أوس الجندي اسم يليق بحفيد الباشا فؤاد الجندي تبعثرت خيوط الكلمات وتفرقت أثناء حديثه مع حماته عندما رأى زوجته تطل من الداخل وهي متأنقة في ثوب ضيق من اللون الأحمر له فتحة صدر متسعة يكاد ما يبرز أسفلها من مقومات مغرية يعلن عن وجوده المشوق بدا متأهبا في جلسته وعجز عن إبعاد نظراته الفضولية عنها فقد كان غير معتاد على رؤيتها هكذا تدلى فكه للأسفل باستغراب وراح يتأملها مليا ليتسلل في حرج واضح من تحديقه الذي طال بها عندما هتفت به أفكار في مكر وابتسامتها العابثة تتراقص على شفتيها امسك الصينية عن مراتك يا عوض ده بيتك إنت مش غريب نهض من موضع جلوسه متجها إليها ليحمل عنها صينية الشاي قائلا وهو مطرق الرأس عنك ردت عليه فردوس باقتضاب ليضيف هستناكي تحت عقبال ما تغيري هدومك قالت وهي تشرع في السير طيب لكنها توقفت عندما اقترحت خالتها بخبث ونظرة عبثية تلمع في عينيها مالوش لازمة تعطلي جوزك حطي عليكي العباية همت فردوس بقول شيء محتج يعبر عن انزعاجها من محاولة فرض وجودها عليه بهذا الشكل السافر لكنها ابتلعت الأحرف في جوفها عندما منحتها خالتها هذه النظرة المحذرة لتضطر مرغمة على إطاعتها في صمت بينما رددت والدتها في سرها بتنهيدة راجية ربنا يجعل في وشك القبول والرضا يا بنتي يتبع الفصل الثامن عشر الجزء الثاني الفصل الثامن عشر الجزء