لحظه وفاه رسول الله
لحظة ۏفاة الرسول صلى الله عليه وسلم [ الفجيعة ]
كان أبو بكر بالسُّنْح، فجاءه الخبر، فلا تسل عن حجم السواد الذي لفَّه تلك اللحظة، فانطلق باتجاه الحجرة الشريفة، ثم كشف عن وجه النبي صلى الله عليه وسلم فرأى النور، رأى الحرية، رأی الهداية، رأى التاريخ، رأى الذكريات:
أتسأَلُ عن أعمارِنا؟ أنتَ عُمرُنا
تذوبُ شُخوصُ الناس في كلِّ لحظةٍ
وأنتَ معَ الأيام في القلبِ تكبُرُ
ثم قبله قبلة الوداع، ودموعه أغرقت تلك اللحظات، وصوت النواح يملأ الفراغ الهائل الذي في قلب أبي بكر، ثم قال: طبت حيًا ومیتًا یا رسول الله..
صړخة أبي بكر العظيمة: «أرجوك لاترحل» لم يصرخها ولكن الكون كله سمعها..
- ينهض الصديق وعلى كتفيه جبل اسمه الفراق الصعب، لیتدارك الأمة قبل أن تتشقق في وديان الهلع، فإذا بعمر شاهرًا سيفه في المسجد يقول للناس: "من زعم أن محمدًا قد ماټ قطعت عنقه!"
فيأتي أقرب الناس للنبي ، وأعرف الناس به وبشريعته وبمشروعه العظيم، ويقول: اسكت يا عمر! ثم يقوم خطيبًا ويقول للقلوب التي ما زالت تخالجها الظنون: "من كان يعبد محمدًا، فإن محمدًا قد ماټ"
ثم يكمل: "وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ" ..
أغشي على عمر، وفجأة ضاعت الجزيرة التي كان يظن أن زورقه سيرسو عليها، لقد انتهت آخر فرصة لنجاة رُوحه المكلومة..
ماټ! هكذا؟ ماټ، دون أن يقول لي: وداعًا!
- وأما عثمان بن عفان فأخرس، فيُلكلمه الناس ولا يُكلمهم، في ذهول، صار لا يرى في هذا الكون إلا جنازة حبيبه قد غطت الأفق، فصار الناس يقودونه فينقاد، وكأنه تائه في هذه الحياة ..
- وأما علي بن أبي طالب فيها إن سمع الخبر حتی لُبِط بالأرض، خارت قواه، فسقط ..
- وأما أنس بن مالك فصار يمشي في طرقات المدينة، وينظر إليها فيراها مظلمة ..
- وعبد الله بن مسعود مسك عودا، يَنكُتُ به التراب ويقول: يوم الخميس وما يوم الخميس؟ يوم زار فيه المړض رسول الله ..
- أما فاطمة بنت محمد فأتت إليهم وهم يدفنونه فقالت: كيف رضيت لكم أنفسكم أن تدفنوا رسول الله؟
وأسئلة تفتت فؤاد تلك المدينة المكلومة: كيف ستستفيق في الغد؟ ومن أي جهة على وجه التحديد ستشرق الشمس؟ وكيف ستفاتح العصافير النائمة في صباح الغد بالخبر؟
*منقول من كتاب الرجل النبيل*
وفاة_النبي ﷺ
رسايل_في_حب_النبي ﷺ